نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 237
[سورة الحج (22) : الآيات 36 الى 37]
وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)
قوله تعالى: وَالْبُدْنَ وقرأ الحسن، وابن يعمر برفع الدال. قال الفراء: يقال: بُدْن وبُدُن، والتخفيف أجود وأكثر، لأن كل جمع كان واحده على «فَعَلة» ثم ضُمَّ أول جمعه، خُفِّف، مثل: أَكَمَة وأُكْم، وأَجَمَة وأُجْم، وخَشَبَة وخشب. وقال الزجاج: «البُدْنَ» منصوبة بفعل مُضمر يفسره الذي ظهر، والمعنى: وجعلنا البُدْنَ وإِن شئتَ رفعتها على الإِستئناف، والنصب أحسن ويقال: بُدْن وبُدُن وبَدَنة، مثل قولك: ثُمْر وثُمُر وَثَمرة وإِنما سمِّيت بَدَنَة، لأنها تَبْدُن، أي: تسمن.
وللمفسرين في البُدْن قولان: أحدهما: أنها الإِبل والبقر، قاله عطاء. والثاني: الإِبل خاصة، حكاه الزجاج، وقال: الأول قول أكثر فقهاء الأمصار. قال القاضي أبو يعلى: البدنة: اسم يختص الإِبل في اللغة، والبقرة تقوم مقامها في الحكم.
(1008) لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم جعل البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
قوله تعالى: جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ أي: جعلنا لكم فيها عبادة لله، من سَوْقها إِلى البيت، وتقليدها، وإِشعارها [1] ، ونحرها، والإِطعام منها، لَكُمْ فِيها خَيْرٌ وهو النفع في الدنيا والأجر في الآخرة، فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها أي: على نحرها، صَوافَّ وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة:
«صَوافن» بالنون. وقرأ الحسن، وأبو مجلز، وأبو العالية، والضحاك، وابن يعمر: «صوافي» بالياء.
وقال الزجاج: «صَوافَّ» منصوبة على الحال، ولكنها لا تنوَّن لأنها لا تنصرف أي: قد صفَّت قوائمها [2] ، والمعنى: اذكروا اسم الله عليها في حال نحرها [3] والبعير يُنحَر قائماً، وهذه الآية تدلّ
صحيح. أخرجه مسلم 1318 ح 350 وأبو داود 2809 والترمذي 904 وابن ماجة 3132 والبغوي 1130 وابن حبان 4006 والبيهقي 5/ 168- 169 و 216 و 234 و 9/ 294 من حديث جابر أنه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالحديبية البقرة عن سبعة، والبدنة عن سبعة. لفظ مسلم. [1] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 5/ 455 فصل: ويسن إشعار الإبل والبقر، وهو أن يشق صفحة سنامها الأيمن حتى يدميها في قول عامة أهل العلم، وقال أبو حنيفة: هذا مثله غير جائز لأن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن تعذيب الحيوان، ولأنه إيلام، فهو كقطع عضو منه. وقال مالك: إن كانت البقرة ذات سنام، فلا بأس بإشعارها، وإلا فلا، ولنا ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلّم ثم أشعرها وقلدها.
متفق عليه، ورواه ابن عباس وغيره، وفعله الصحابة، فيجب تقديمه على عموم ما احتجوا به ... إذا ثبت هذا فالسنة الإشعار في صفحتها اليمنى، وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال مالك وأبو يوسف: بل تشعر في صفحتها اليسرى وعن أحمد مثله. [2] قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» 5/ 298: والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فيضربها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر. وممن استحب ذلك مالك، والشافعي وإسحاق، وابن المنذر. واستحب عطاء نحرها باركة. وجوّز الثوري وأصحاب الرأي كل ذلك. ولنا، ما روى زياد بن جبير، قال: رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنته لينحرها، فقال: ابعثها قياما مقيّدة، سنة محمد صلى الله عليه وسلّم. متفق عليه.
وفي قوله تعالى: فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها دليل على أنها تنحر قائمة. وتجزئه كيفما نحر. قال أحمد: ينحر البدن معقولة على ثلاث توائم، وإن خشي عليها أن تنفر أناخها. وقال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» 9/ 69: يستحب نحر الإبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى. وأما البقر والغنم فيستحب أن تذبح مضطجعة على جنبها الأيسر، وتترك رجلها اليمنى، وتشد قوائمها الثلاث، وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور، وقال أبو حنيفة والثوري: يستوي نحرها قائمة وباركة، وحكى القاضي- عياض- عن طاوس أن نحرها باركة أفضل، وهذا مخالف للسنة، والله أعلم. [3] قال الإمام الموفق في «المغني» 13/ 384: وإذا مضى من نهار يوم الأضحى مقدار صلاة العيد وخطبته، فقد حل الذبح، ولا يعتبر نفس الصلاة، ولا فرق في هذا بين أهل المصر وغيرهم. وهذا مذهب الشافعي، وابن المنذر، وظاهر كلام أحمد، وروي نحو هذا عن الحسن وقال أبو حنيفة: أما غير أهل الأمصار فأول وقتها في حقهم إذا طلع الفجر الثاني. ولنا لما روى البراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة، ثم الذبح، فمن ذبح قبل الصلاة، فتلك شاة لحم قدمها لأهله، ليس من النسك في شيء» . ولنا آخر الذبح إلى آخر يومين من أيام التشريق نهارا. لأن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث. ولا يجوز الذبح في وقت لا يجوز ادخار الأضحية إليه. ولأن اليوم الرابع لا يجب الرمي فيه، فلم تجز التضحية فيه، كالذي بعده. وممن قال بهذا القول من الصحابة- عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة. وروي عن علي، آخره آخر أيام التشريق. وهو مذهب الشافعي، وقول عطاء، والحسن، لأنه روي عن جبير بن مطعم، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أيام منى كلها منحر» . ولأنها أيام تكبير وإفطار، فكانت محلا للنحر كالأولين. ويجوز الذبح ليلا. وهو قول أصحابنا المتأخرين، وقول الشافعي وإسحاق، وأبي حنيفة وأصحابه. لأن الليل زمن يصح فيه الرمي، فأشبه النهار. وفي رواية عن أحمد لا يجوز الذبح في الليل وهو قول مالك، فعلى هذا إن ذبح ليلا لم يجزئه عن الواجب، ولم تكن أضحية، فإن فرقها حصلت القربة بتفريقها، دون ذبحها.
(فائدة) قال النووي رحمه الله في «شرح مسلم» 11/ 134 عقب الحديث عن ثوبان قال: ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم أضحيته ثم قال: «يا ثوبان أصلح لحم هذا» فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة:
فيه تصريح بجواز ادخار لحم الأضحية فوق ثلاث، وجواز التزود منه، وفيه أن الادخار والتزود في الأسفار لا يقدح في التوكل، ولا يخرج صاحبه عن التوكل، وفيه أن الضحية مشروعة للمسافر كما هي مشروعة للمقيم، وهذا مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، وقال النخعي وأبو حنيفة: لا ضحية على المسافر وروي هذا عن علي، وقال مالك وجماعة: لا تشرع للمسافر بمنى ومكة.
نام کتاب : زاد المسير في علم التفسير نویسنده : ابن الجوزي جلد : 3 صفحه : 237